الفرق بين العاطفة والشعور

Posted on 28 أغسطس، 2023

كوتش عبدو اليازغي

غالبًا ما يتم ربط العاطفة والشعور بالارتباك في اللغة اليومية، وهما مفهومان نفسيان. لمعرفة كيفية التمييز بينهما، يجب علينا أولاً أن نفهم كيف يعمل دماغنا وفهمنا عندما يتعلق الأمر بالرد على الموقف واستيعاب المعلومات. للقيام بذلك، يجب أن نتحدث عن الجهاز الحوفي، أو المعروف أيضًا باسم “الدماغ العاطفي”

ما هي العاطفة؟

العاطفة تعني حرفيًا الاهتزاز. العواطف هي رد فعل الجسم على المحفزات في بيئتنا. وبشكل أكثر ابتذالًا، يتفاعل جسمنا بشكل غريزي مع بعض العناصر والأحداث التي تلتقطها حواسنا الخمس. ومن ثم يتم نقل هذه المعلومات إلى الدماغ الذي يقوم بتحليلها وتسجيلها في ذاكرتنا إذا كانت المحفزات شديدة للغاية.

وينطبق هذا المفهوم على جميع الكائنات الحية، فالعواطف هي أول تجربة لدينا ككائنات حية. منذ الولادة، تملي عواطف الطفل الرضيع: عندما يكتشف العالم من خلال حواسه الخمس، يكون فريسة للأحاسيس المختلفة التي توفرها له بيئته ويتفاعل وفقًا لها.

غالبًا ما يكون للعواطف توقيعات فسيولوجية مميزة. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي السعادة إلى إطلاق الدوبامين، في حين أن التوتر يمكن أن يؤدي إلى إطلاق الكورتيزول. هذه الاستجابات البيولوجية متسقة عبر الأفراد والثقافات، مما يدل على الطبيعة العالمية للعواطف.

قائمة بالمشاعر الستة الأساسية: الفرح- الخوف – غضب – الحزن – الإشمئزاز.

العاطفة: حالة نشطة وسريعة الزوال

يمكننا القول أن العواطف هي طاقة متحركة، ولكنها ليست ثابتة مع مرور الوقت. عندما يقال عن شخص ما أنه عاطفي، فإننا نعني أن هذا الشخص كثيرًا ما ينجرف وراء عواطفه. تتحكم حالتها فيها أكثر مما تتحكم في نفسها: فالعاطفة، كونها إحساسًا كرد فعل على “جسم غريب”، يمكن أن تختفي أو حتى تسيطر على نفسها. على سبيل المثال، يحدث شعور بدائي مثل الخوف عندما يشعر الإنسان بموقف خطر، فيتفاعل الجسم بشكل غريزي: في البداية، هناك رد فعل جسدي حيث تتسارع ضربات القلب، ثم يأتي في المرة الثانية رد فعل نفسي. وهو القرار الذي يجب اتخاذه في مواجهة هذه المشاعر. ويهرب بعض الأفراد أو يظلون مشلولين بسبب حجم التهديد، بينما يواجهه آخرون ببساطة.

العاطفة عابرة، مهما كانت شديدة، لأنها نتيجة تفاعلنا مع بيئتنا. وبمجرد أن يكون هذا الإحساس بعيدًا عن متناول المحفز الذي سببه، فإنه يختفي بشكل طبيعي.

الشعور:

كلمة “شعو” مشتقة تعني “إدراك”. الشعور هو رد فعل على تمثيل لدينا لشيء ما. يمكن أن يدوم الشعور، لأنه يأتي من أفكارنا. إنها ذاتية للغاية ويمكن أن تختلف اعتمادًا على التاريخ الشخصي للفرد ومعتقداته وخلفيته الثقافية. قد يفسر الشخص الذي مر بحدث صادم مشاعر القلق بشكل مختلف عن الشخص الذي لم يمر بتجربة مماثلة. وتسلط هذه الذاتية الضوء على دور المنظور الشخصي في تكوين المشاعر. ومن أشهر المشاعر:

حب – السعادة- عزلة- معاناة- ملل- السلم- كراهية -عار- الياس- كآبة- الغيرة- الرعب- احتقار

التقييم المعرفي هو العملية التي من خلالها يقوم الأفراد بتفسير وتقييم تجاربهم العاطفية. يلعب دورا هاما في تكوين المشاعر. على سبيل المثال، يمكن تفسير مشاعر الغضب بشكل مختلف اعتمادًا على السياق: يمكن أن يؤدي الانزعاج البسيط إلى تهيج عابر، في حين أن الإساءة الأكبر يمكن أن تسبب غضبًا شديدًا. تساهم هذه التفسيرات في المشاعر الفريدة المرتبطة بالحالات العاطفية المختلفة.

من أين يأتي الخلط بين العواطف والمشاعر؟

تعد العواطف والمشاعر الإنسانية جوانب وثيقة الصلة بتجاربنا اليومية، والتي تؤثر على الطريقة التي ننظر بها إلى العالم من حولنا وكيفية تفاعلنا معه. عادة ما يتم استخدام مصطلحي “العاطفة” و”الشعور” بالتبادل، لهما معانٍ خفية ولكنها متميزة تلقي الضوء على مدى تعقيد حياتنا الداخلية.

إن فهم التمييز بين العواطف والمشاعر يمكن أن يساعد في التنظيم العاطفي واستراتيجيات المواجهة. من خلال التعرف على المشاعر المحددة التي نشعر بها وتصنيفها، يمكننا تطوير طرق صحية لمعالجتها والاستجابة لها. كما أن مراعاة تفسيراتنا ومشاعرنا يسمح لنا بإدارة ردود أفعالنا العاطفية بشكل فعال.

العلاقة بين العواطف والمشاعر :

ترتبط العواطف والمشاعر ارتباطًا وثيقًا، ولكن هناك اختلافات ملحوظة. غالبًا ما يُنظر إلى العواطف على أنها ردود فعل أساسية وغريزية للمنبهات. ومن ناحية أخرى، فإن المشاعر أكثر تعقيدًا وهي تفسير واعي للعواطف. إنها تجارب عقلية وذاتية تنشأ من العواطف. على سبيل المثال، إذا كنت خائفًا (الانفعال)، فيمكنك وصف هذا الشعور بأنه قلق أو عصبية.

في علم النفس البشري، العواطف والمشاعر هي خيوط منفصلة، ​​منسوجة معًا بشكل معقد. العواطف هي استجابات بدائية تلقائية تؤدي إلى تغيرات فسيولوجية، بينما تنشأ المشاعر من التفسير الواعي والتقييم المعرفي. إن إدراك هذا التمييز الدقيق يعزز وعينا الذاتي، وذكائنا العاطفي، وقدرتنا على التنقل في المشهد المعقد للعواطف البشرية.

Responses