

ABDELTIF
كوتش أسري
الكوتشينغ ليس فضفضة
20 سبتمبر، 2024 in حياة مهنية
الكوتشينغ كلمة انجليزية القواميس وتعني التدريب بالمعنى الأدق للترجمة الإنجليزية، وضمنيا تعني الكوتشينغ في ثناياه ” الدعم ، والتوجيه، والإرشاد”، ولا يمكن النظر أو الممارسة للكوتشينغ دون استحضار هذه المركبات.
وظهر الكوتشينغ في العالم العربي متأخرا، في العشرين السنة الأخيرة لتأهيل الكوتشز أي مقدمي الدعم والإرشاد والتوجيه في مختلف مجالات الحياة الصحية والمهنية والرياضية، وهو علاقة بين طرفين: الأول يسمى المرشد أو الكوتش، والثاني يسمى بالمسترشد أو العميل أو الكوتشي الذي هو طالب المساعدة والدعم والتوجيه في حياته أو عمله أو شخصه أو علاقاته ….
إن فلسفة الكوتشينغ مبنية في العمق على الوصول إلى النتائج وتحقيق الأهداف المستقبلية، وهو حوار تعاوني بين الطرفين في عملية مثيرة للتفكير وملهمة لتعظيم إمكانات العميل الشخصية والمهنية … بالارتكاز حول الحل وليس المشكل، بمعنى أوضح الكوتشينغ ليس هو فضفضة أو دردشة، وليس هو علاقة رفاقة أو صحابة ( صاحبي ) من أجل حالة مؤقتة من الارتياح والعثور على راحة البال العرضية أو التنفيس … والممارسة الفعالة للكوتشينغ مقتضاها أن الكوتشينع هو التزام وقدرة واقتدار من قبل الكوتش للوصول بالعميل (طالب المساعدة) إلى تحقيق الهدف المرغوب فيه، أو حل لمشكلته، أو تخطي تحد ما، أو الحسم في اتخاذ قرار بطرق أكثر إبداعية واحترافية بنماذج وأساليب وفنيات ومهارات محددة مناسبة للسياق الذي يتم فيه الكوتشينغ، ومن ثم كان الكوتش يمارس عمله في المقام الأول بمهنية واحترافية فيصلية وليست ممارساته إنسانية تتحرك من موقع الشفقة أو التعاطف مع العميل وتربيت أكتافه، بحيث كلما تفهم وأدرك العميل منذ بداية جلسة الكوتشينغ ذلك استطاع التجاوب بشكل أفضل مع الكوتش للوصول إلى الأهداف المشتغل عليها في هذه الجلسات.

الزواج بين الاستقرار وعدم الرضا
18 يوليو، 2024 in غير مصنف
عبد اللطيف سندباد*
ما أحل الله سبحانه وتعالى شيئا أبغض من الطلاق، إذ في بعض الأحيان يكون الطلاق أمرا لا مفر منه، ويمكن التكهن باحتمالية إنهاء العلاقات الزوجية قبل حدوث الطلاق، لكن المحزن أن الزوجين لا يدركان الأمر إلا بشكل متأخر جدا، ويعتبران العلاقة الزوجية وقائع مكتسبة ومفروغ منها، ويعيشان الاستقرار في هذه المساحة الزوجية دون الشعور بالرضا، بدل العمل على تغذية العلاقة الزوجية بمشاعر الرضا والاستقرار، والتحديث المستمر للاهتمامات المشتركة، وترتيب القيم والأولويات وغيرها من السلوكات بمرور الزمن. إن انقاذ الزواج من مختلف الضوائق والمرارات الداخلية والخارجية، واستحضار ما يفرزه ذلك من أضرار صحية واجتماعية ومادية على جميع أفراد الوحدة الأسرية والمجتمعية، خصوصا منها الأطفال في وضعية التمدرس الالزامي.
يعتبر بيت العلاقات الزوجية الذي لا يحقق الحد الأدنى من الرضا لأفراده، وتكون الصراعات في مستوياته العليا، ومتكررة باستمرار، فآثار ضوائقه تبدو على أفراد الأسرة وإن كانوا تحت السقف الواحد، في عدم الالتزام، وغياب الوفاء، وعيش الاضطراب الفسيولوجي والتي تظهر أعراضه المرضية على مستوى الأبدان والأنفس والمعارف، حيث تزداد هشاشة العلاقات بين الزوجين، وترتفع نسب تعرضهما لخطر الإصابة بالأمراض الجسيمة، كارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والقلق والاكتئاب والانتحار والهوس والتعاطي للمواد السامة وضعف التركيز وإعادة تشغيل الأسئلة السلبية وكذا تراجع معدلات آماد الحياة، فيما الأطفال بدورهم يتعرضون في سياق الزواج غير المرضي والعلاقات العدائية بين آبائهم إلى عواقب التوتر العصبي على مستوى صحتهم وسلوكاتهم التي تصبح عدائية – غالبا – بالمدرسة والبيت فضلا عن رفضهم من قبل الجماعة، ليصير اللجوء إلى الطلاق الآمن والهادئ في بعض الأحيان نعمة، وأفضل بكثير من عيش الضيق والاضطراب الزواجي الذي تشهر فيه قيم الانتقاد والازدراء وحيل الدفاع والانسحابية، وبالمقابل ثمة خيارات استثنائية لعلاقات زواجية دائمة الاستقرار بالرغم من وجود ظواهر سلبية، ومواجهتها لضوائق التعثر في مختلف دورات حياة الأسرة، فهي تعمل على التخفيف من هذه الاضطرابات والضوائق، وتتجنب الطلاق بطلبات الدعم والمساعدة لمعالجة تعثراتها وإثراء علاقاتها وتحديث طرق عيشها خصوصا وأن لا سفينة زواج تبدأ بشكل مثالي وكامل.
إن ممكنات بقاء العيش في زواج غير مرض من أجل الاستقرار، ومن أجل الأطفال فقط، ومن أجل تقاليد المجتمعات المحافظة يطرح تحديات عميقة على أولويات المحافظة على بيت الأسرة وقدسيته على باقي المصالح الذاتية الأخرى، وبالنظر الى قاعدة عالم الاقتصاد الإيطالي فيلفريدو باريتو 20-80 في العلاقات الزواجية، فإن شركاؤنا عموما يمتلكون 80% من الأشياء التي نريدها ونحتاجها لإشباع حاجياتنا، ولكن الـ 20% التي لا نملكها تبدو أكثر أهمية وأهمية لأننا لا نقدر ما لدينا من نعم، وما نعيشه من آلاء بالرغم من ضائقة الزواج غير السعيد وغير المرضي، إذ بدلا من التركيز للتغلب على هذه الضوائق وحصر الذهن على كل ما لدينا من خيرات، وما نعيش من خلالها من قيم مشتركة حتى لوكان ذلك غير مرض، إضافة الى تقدير الفضل الذي كان بين الزوجين حتى ولو لم يبدو أن الزوجين حاليا غير متفقين، وبالعمل على الاقتناع أن جميع العلاقات الزواجية تعيش بصفة دائمة ضمن مشاكل وضوائق الحياة، فإن تقدير وقبول عيوب الآخرين كما يقبلون بعيوبنا، والتغافل عن مناطق الخلاف، والتمييز بين المشاكل القابلة للحل وغير القابلة للحل، وتعلم كيفية إدارة الاختلافات من القيم والجوانب الأكثر يعد ترياقا للتخفيف من ضوائق هذه العلاقات المتعثرة والمفتاح الرئيسي لتطوير مهارات العيش السليم والشعور بالرضا تجاه أحوال ومقامات سيرورة الزواج.
* كاتب صحفي واستشاري أسري

فوائد تمارين الصحة النفسية
9 يوليو، 2024 in غير مصنف
عبد اللطيف سندباد*
تشكل ممارسة تمارين الصحة النفسية فرصا نفيسة للتعافي من الأفكار المشوهة والمشاعر السلبية والتجارب الممرضة، وهي من ضروريات تمتع الفرد بصحة أفضل ولا يتم واجب التحول إلا بها، وهي نقطة انطلاق لمعظم عمليات التغيرات وتحقيق الأهداف التي ننشدها في الحياة، إنها ليس ترفا أو فضلة أو حكرا على عمر أو جنس أو فئة دون أخرى، إنها استثمار لتعزيز المنعة النفسية وزيادة الثقة بالنفس والتخلص من الروتين والتغلب على أوقات الفراغ والتحكم أو التخفيف من ضغوطات الحياة اليومية، كما أنها تساعد على جودة النوم وتقضي على الأفكار الانحرافية وتقلل إن لم تحد من المشاعر السلبية وأعراض القلق والتوتر والحزن وخيبة الأمل والاكتئاب … كما أن ممارسة تمارين الصحة النفسية من شأنها تحسين الوعي الذاتي والدفع باتجاه إدراك الأفكار والعواطف بشكل أفضل، ولا سيما عند ممارسة تمارين اليقظة الذهنية والتأمل والاسترخاء والتنفس والتركيز بشكل أصيل وسليم …. هذا وعلى المستوى الاجتماعي والجسدي لتمارين الصحة النفسية تأثيرات جد إيجابية على الصحة الاجتماعية، فهي تعزز الصلات الاجتماعية العلاقات الأسرية، وترفع من قوة التحمل والعزيمة وتكسب الفرد احترام النظام، وتساعد على التقليل من تناول أكل القمامة والمواد الضارة … كما أن تمارين الصحة النفسية لها أدوار جوهرية في تنشيط الدماغ والأجهزة الهضمية والعصبية والتناسلية … وتقوية المفاصل وتحسين البشرة وغيرها بيد أنه من الأفضل دائما استشارة الاخصائيين ومقدمي الرعاية الصحية للحصول على خطة علاجية مناسبة لما قد يعانيه الفرد من أمراض عضوية أو اضطرابات نفسية عميقة مثل الوسواس القهري أو اضطراب ما بعد الصدمة أو اضطراب القلق … وعموما تمارين الصحة النفسية لها تأثير تراكمي جيد لتحسين جودة الحياة وتوازنها بمرور الوقت.
* كاتب صحفي واستشاري أسري

أنماط التعامل مع صراع العلاقات الزوجية
4 يوليو، 2024 in غير مصنف
الكوتش والاستشاري الأسري عبد اللطيف سندباد
يعد الخلاف في العلاقات الأسرية امرا طبيعيا في كل الثقافات، وهو نظام أسري ثابت في كل العالم تقريبا، وهو ليس سلبيا على الإطلاق بقدر ما هو تجربة الاختلاف بين أفراد الأسرة، وأن المشكلة لا تكمن في وجود الصراع، بل في كيفية إدارته والتعامل معه، ذلك أن الصراع بإمكانه تغيير العلاقات على مصراعيها، وسواء أكان الخلاف القائم بين الأزواج حول أمور صغيرة على مائدة العشاء أو على المسلسل الذي يجب مشاهدته أو الصراع بشأن قضايا كبرى مثل كيفية إدارة الخلافات المالية أو التخطيط للمستقبل او الخيانات…فإنها في العمق شبيهة بجبل الجليد أسبابها الجوهرية تكمن تحت السطح، وليس سرا أن كل شريك داخل الأسرة يحمل داخله صماته الخاصة في القوة أو الوضع الاجتماعي أو التعليم..، ويقدم وجهات نظره ومعتقداته التي تشكل رؤيته لفهم العالم، وينخرط بهذا السلط في ممارسة جدالات عرضية أو أقوى منها، لفرض حضوره وإثارة نخوته أو لتكشف عن أنانيته أو مخاوفه وإحباطاته وتوتراته.. ويستعمل في مواجهاته مختلف الحجج والأساليب التواصلية للانسحاب أو للهجوم أو للدفاع عن وجهات نظره وأفق انتظاراته.
وبالمقابل تؤكد الاستشارات الزواجية أن الشركاء المنخرطين في مثل هذه الخلافات إذا كانت عرضية وبأمد قصير وتقع فوق السطح ، فهي سهلة في التعامل والإدارة، ومهما بلغت درجة معاناتها وتوتراتها في الصراع فهي في العمق تعكس التجربة الدينامية الفريدة داخل هذه الأسر، خاصة إذا كانت تعتبر المنزل فضاء للنمو وتعلم مهارات الاتصال وتعزيز التواصل، وأن لا ملجا ولا مخرج لها في صراعاتها غير دائرة الأسرة ولا مراعي غير الأسرة، وأن الخلافات اليسيرة والطبيعية تكشف عن عمق احتياجات ورغبات عناصرها وتعمل على فهمها وإفهامها باعتبارها اختلافا أساسيا، وتبحث عن حلول تعاونية لها، كما أنها تسمح بمعرفة الشريك لحياة شريكه وتفضيلاته المختلفة، كما أنها تقوي العلاقات لا سيما عند التعامل مع مخاوفها بأساليب ومهارات تعاونية تلي مخاوف جميع الأطراف، إضافة إلى أنها تخلق الشعور بالإنجاز والاقتدار على التغلب على التحديات والتنمية الشخصية، وتعزيز مشاعر الحب داخل العلاقة الزواجية، وإن بدا الأمر متناقضا على مستوى ظاهر الخطاب الزواجي، ذلك أن الأزواج عندما ينخرطون في جدالات صحية سطحية، فإنهم عادة ما يستعملون خطابات إقناعية محترمة وبناءة، ويعكسون عمق الاتصال العاطفي، وقوة التحمل والالتزام التعاوني المساهم في رفع منسوب المناعة النفسية، ويضاعفون من شحذ مهاراتهم في التكيف مع الصدمات بعيدا عن أنصاف الحلول أو التكيف على حساب إرضاء شريك معين، أو الانسحاب التام من الصراع ….
وفي الجدالات الطويلة الأمد التي يصعب تحديد جذورها الكامنة تحت السطح، فإن ما يبدو على مستوى السلوك احتكار أحد الشركاء المحادثات باستمرار، والتعمد في مقاطعة الطرف الآخر، ومهاجمته بأساليب مهينة وبشتائم جارحة مختلقا بيئة من العداء والأذى النفسي والجسدي والتهديد المستمر بالهجر وإنهاء العلاقة… مثل هذه المؤشرات الكمية في كثير من الحالات يصعب التعامل معها وتغيير وضعها، لكن ما يمكن تغييره هو ما يمكن فعله أو الطريقة التي يتصرف بها الأزواج أثناء الصراع، والدفع باتجاه تلبية احتياجات الأفراد ورغباتهم الدفينة المحركة للنزاع باستخدام مختلف الوسائل الممكنة والمشروعة، وهي لا تعدو أن تكون تجنبية أو انسحابية تراكم الإحباط والغضب، أو تدلف في اتجاه استيعاب مخاوف الآخر على حساب الذات، أو تتجه صوب التصادم بين الطرفين المتحاربين، أو قد يلجأ الأخيران الى أسلوب التسوية والتفاوض للتوصل الى حل وسط للتوافق على قضايا أو التوافق على عدم التوافق، غير أن أسلوب التعاون والاقتدار على قوة التحمل في الصراعات يتجاوز أسلوب التكيف والتصادم والتسوية الذي يلبي المخاوف جزئيا فقط، لفائدة الموقف التعاوني الذي يلبي مخاوف جميع الأطراف.