الحب اللامشروط هو ذلك الحب المطلق الذي يحمله الآباء و الأمهات للأبناء و يمنحونه لهم بشكل مستمر بغير شرط أو سبب واضح و من دون مقابل ، ومن الضروري إعطاء ابنائنا مثل هذا الحب لما يترتب عليه من ثقة بالنفس و تحقيق الذات و الاحساس بالأمان  ، ويجعل الطفل شخصية إيجابية ينظر للحياة من منظور متفائل و نبعده عن التشاؤم بكل صوره .

فعلينا ابداء الحب اللامشروط بشكل دائم و نشعره بالحب على كل حال سواء أحسن أو أساء واظهار الرفض للسلوك الخاطئ فقط وليس للطفل ذاته  و نوجه النقد للخطأ وليس له و إذا استعملنا عقابا يكون على قدر الخطأ و بدون مبالغة، و هذا ما يترتب عنه بناء شخصية سوية قويمة نافعة لنفسها و مجتمعها و يتحول إلى شخصية ابتكارية مبدعة .

من ثمرات الحب اللامشروط أنه ينتج انسانا صالحا سويا ينعم بحب الذات و الثقة في النفس و الإيجابية و التفاؤل ويكون قادرا على مجابهة صعوبات الحياة بكل سهولة و يسر ويكون من الناجحين المتفوقين بل ومن المميزين عن غيرهم ويصبح بدوره شخصية معطاءة كريمة يمنح الحب للآخرين و يبذل العطاء المستمر.

وهذا مرتبط بشكل كبير لأن الأطفال يحتاجون للتأكد من حب الأم لهم فوجب عليها أن تعبر عن عاطفة الأمومة و عن حبها للطفل عن طريق عدة أشياء :

– قبول الطفل كما هو و عدم اشعاره بأي نقص.

– جعل الطفل يشعر بالتميز و الحب و الحنان .

– استخدام لغة الجسد الإيجابية.

– الاستماع الجيد للطفل.

– مدح الطفل و الثناء عليه إذا فعل شيئا جيدا .

– توجيه النقد للسلوك الخاطئ وليس للطفل .

– التواصل مع الطفل بصراحة و بوضوح.

– اشعار كل طفل بتميزه على حدة لتجنب التنافس و العنف بين الأبناء.

– اغتنام الفرص للاستمتاع مع الأبناء بشكل دوري و قضاء العطلات خارج المنزل.

و من أروع الأمثلة على الحب اللامشروط في التاريخ الاسلامي حب أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم و مؤازرته و مساندته له على الرغم من كونه على غير دينه فكان مشركا لكنه منعه من المشركين .

وهذا ما نريده مع ابنائنا تقديم الاحتواء العاطفي و الدعم النفسي و ابداء الحب اللامشروط في كل المواقف.

من بين العبارات الشائعة لدى بعض الأمهات: لو أكلت أحبك….لو عملت الواجبات أحبك….لو بقيت هادئا أحبك….و هذا خطأ كبير يسمى الحب المشروط.

إن الحب المشروط له آثار سلبية على الأطفال فهو يسبب :

. فقدان الثقة بالنفس 

لان والدته تشترط عليه فعل أشياء معينة ليحصل على حبها ، ومن ثم يفقد الثقة في نفسه ، خاصة إذا لم يستطع تحقيق شروط والدته .

. شخصية ذليلة مطواعة لغيرها 

فعندما يرى الطفل أن شرط الحصول على حب والدته هو القيام ببعض التصرفات ، و انه لن يحصل على حب زملائه و مدرسيه إلا بفعل ما يرغبون فيه ، هنا عندما يكبر سيكون الوضع أسوأ ، فقد يتحمل اهانات من حوله ، مقابل بقائهم معه .

.  شخصية متمردة 

فعلى النقيض ، قد يرفض الطفل شرط حصوله على الحب و يتمرد على ذلك.

. الرهاب الاجتماعي 

فالطفل يصاب بعدم القدرة على الاختلاط مع من حوله و الخوف منهم ، خاصة إذا شعر انه غير مرغوب فيه.

إن تصنيف الطفل حسب صفات معينة سواء اكانت الصفة إيجابية أم سلبية ، تشعره بالضغط و تضعه في مازق لانه إما أن يتصرف بطريقة فيها عبء عليه ، ليبرهن أنه أهل لتلك الصفة ، و إما أن يتصرف بطريقة غبية ليبرهن لك انه ليس دائما كما تتوقع منه .

و هنا يجب أن نساعد الاطفال ليتحرروا من قيود تصنيفاتنا ، و ندعهم يتصرفون بناء على كيفية تقديرهم المواقف ، وليس حسب نظر الكبار سعيا لتحقيق توقعاتهم أو نيل استحسانهم ، فرغم أنه يجب علينا مراقبتهم ووضع حدود لسلوكياتهم السيئة ، إلا أن ترك مساحة من الحرية ضمن قيود معينة ضرورية من أجل مساعدتهم على الابداع و التطور التلقائي

استراتيجيات التأديب الفعالة تركز على بيئة إيجابية داعمة ، فيما يلي بعض الاستراتيجيات البديلة التي يمكن أن تكون أكثر فعالية و صحة في التواصل مع الأطفال.

– وضع الحدود

حدد قواعدا و توقعات واضحة للسلوك ، تأكد من أن الأطفال يفهمون الحدود و عواقب تجاوزها.

– العواقب الطبيعية 

دع الأطفال يختبرون النتائج المنطقية لأفعالهم

– تعزيز الإيجابية  

قم بتعزيز السلوك الإيجابي من خلال الثناء و المكافآت

– فترات الانعزال

يتيح لهم ذلك فرصة للتحكم في عواطفهم و التفكير في عواقب أفعالهم

– تحويل الإنتباه 

قم بتحويل الإنتباه بعيدا عن السلوك السلبي عن طريق توجيه الإنتباه إلى نشاط آخر أكثر ملاءمة

–  نمذجة السلوك المرغوب 

–  التواصل و الشرح

عندما يفهم الأطفال الغرض من بعض السلوكيات ، يكونون أكثر عرضة للامتثال بشكل طوعي

–  مناقشات حول حل المشكلات 

–   تعزيز العطف 

–  العواقب المتسقة 

عند الضرورة من فرض عواقب تأكد أنها متسقة مع أفعالهم.

من خلال تبني هذه الاستراتيجيات البديلة للتأديب ، يمكن للوالدين خلق بيئة تشجع على السلوك الإيجابي و تطوير العلاقة الصحية بين الوالدين و الأطفال ، تركز هذه الطرق على التعليم و التوجيه بدلا من التعنيف و اللجوء لأساليب سلبية تقمع الطفل و تضعف شخصيته.

إن تأثيرات رفع الصوت على الأطفال عاطفياً و نفسياً تتجاوز بعيداً من تقويض الثقة بالنفس إلى تعزيز القلق و تحفيز المشكلات السلوكية.

إن إيجاد بيئة داعمة و محبة ،حيث يستند التواصل إلى الفهم و التعاطف بدلاً من الصراخ أمر حاسم لتعزيز الرفاه العاطفي النفسي الإيجابي للأطفال.

فكيف يكون التواصل فعالا مع الأطفال ؟

. نصائح من أجل التواصل الفعال مع الأطفال 

التواصل الفعال مع الأطفال أمر حيوي لبناء علاقات إيجابية و تعزيز تطويرهم فيما يلي بعض النصائح للتواصل بشكل فعال مع الأطفال:

– استخدام صوت هادئ.

– استخدام لغة واضحة و بسيطة .

– الاستماع الفعال.

– تشجيع التعبير عن المشاعر.

– استخدام التعزيز الإيجابي.

– الصبر.

– توفير الخيارات .

– كن حذرا من التواصل الغير اللفظي كلغة الجسد   وتعابير الوجه.

– تحديد مثال إيجابي .

– تأسيس أوقات منتظمة للتواصل.

تذكر أن التواصل الفعال يخلق بيئة مفتوحة و داعمة تشجع الأطفال على التعبير بحرية ، وحاول ضبط اسلوب التواصل حسب احتياجات و شخصيات الأطفال الفردية.

في عالمنا اليوم ،تتسارع وتيرة الحياة و تكبر التحديات التي يواجهها الأطفال ، في هذا السياق يثار دوماً السؤال حول مدى تأثير التصرفات القاسية ، وخاصة رفع الصوت على الاطفال.

يعتبر التعامل مع الأطفال بلطف و احترام أمرا حيوياً لتطورهم النفسي و الاجتماعي ،في هذا السياق ،يجادل الكثيرون بأهمية عدم رفع الصوت على الأطفال ،مؤكدين على تأثير اللطف و التواصل الفعال في تشجيع تطورهم الإيجابي.

. الآثار النفسية و العاطفية التي يسببها الصراخ

رفع الصوت على الأطفال يؤدي إلى زعزعة ثقتهم بأنفسهم ، و تعثر قدرتهم على التعامل مع تحديات الحياة ،كما يسهم في زيادة مستويات القلق لديهم و يؤثر على قدرتهم على التركيز و التعلم و تطوير المهارات الاجتماعية ، كما أن الأطفال ضحايا الصراخ قد يظهرون مشاكل سلوكية مثل العدوان، أو المقاومة  أو الانعزال.

. إدارة العواطف لدى الأطفال و علاقتها بالنمو.           العقلي

تخضع أدمغة الأطفال لتطوير هام منذ الولادة وحتى المراهقة ، وهذه العملية تلعب دورا حاسما في تشكيل قدرتهم على إدارة المشاعر.

في المراحل الأولى يتعلم الأطفال في الغالب من خلال المراقبة و التقليد ، يمتصون المعلومات من محيطهم و يقتدون بسلوكهم استنادا إلى ما يرونه خاصة من الوالدين يشار إلى هذه الظاهرة باسم التعلم الاجتماعي.

يميل الأطفال إلى تقليد السلوك الذي يرونه في بيئتهم المباشرة ، إذا كانوا يشهدون على إدارة فعالة العواطف ،و تعبيراً عن التعاطف ، و حل النزاعات  بطريقة صحية فمن المرجح أن يستوعبوا هذه المهارات، و على العكس من ذلك يمكن أن يكون لتعرضهم لسلوكيات سلبية مثل الصراخ أو العدوان أو تفريغات عاطفية ، تأثير عميق على تطورهم العاطفي.

مع تقدم الأطفال في العمر ،يصبح دماغهم أكثر ثقة في معالجة و تفسير الإشارات العاطفية.

يبدؤون في تطوير فهم أفضل لمشاعرهم الشخصية و مشاعر الآخرين ، و مع ذلك تستمر السلوكيات المتعلمة من سنواتهم الأولى في التأثير على ردود أفعالهم العاطفية و آليات التكيف الخاصة بهم.

و في الختام ، فإن الصراخ وسيلة هدامة لشخصية الطفل لذا وجب تتبع استراتيجيات جديدة لتواصل فعال مع أطفالنا.

أمام انتشار ظاهرة التنمر فمن الهام معالجة هذا السلوك وتقديم الدعم لكل من الضحايا و المتنمر خاصة الاطفال منهم.

علاج التنمر داخل الأسرة 

– تصديق كل الاشياء التي يقولها الطفل و عدم الاستهزاء بها، و العمل بشكل جدي مع المدرسة على وضع خطة فعالة للحد من التنمر.

– تفهم الأهل لكل مشاعر الطفل المتنمر بكل هدوء وايجابية ، و ذلك عن طريق فهم الأسباب التي جعلته يصاب بالتنمر، و التوضيح له بشكل بسيط بأن هذا السلوك هو سلوك خاطئ و يجب ان يتخلص منه حتى  يستمتع بحياة سعيدة.

– عدم الوقوف على الاحباطات التي قد يواجهها الطفل في المنزل أو خلال الامتحانات و حل الواجبات المنزلية.

– مراقبة البرامج التي يتبعها الطفل.

– مراقبة الالعاب الالكترونية التي يلعبها الطفل.

– تعليم الطفل ممارسة الهوايات التي تساعد على استرخاء النفس و الاعصاب.

دور المدرسة في علاج التنمر 

– يجب على المدرسة وضع بعض القوانين الحازمة و الصارمة التي تحد من العنف بين الأطفال.

– توفير بيئة آمنة و هادئة داخل المدرسة.

– وضع ميثاق واضح للمدرسة تحدد فيه الحقوق و الواجبات.

– نشر المحبة و المودة بين الطلاب و تحفيز روح التعاون و التالف فيما بينهم.

– يجب على المعلم ان يكون قدوة لطلابه و ان يكون ملما بمهارات التواصل.

و في النهاية يجب ان نساهم جميعا في القضاء على هذه الظاهرة و ذلك بالتحلي بالاخلاق المحمدية فقد نهانا الاسلام عن التنمر كما قال تعالى في سورة الأحزاب:” و الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا و اثما مبينا”.